* من أعلام الطب في زمانه 573- 639هـ:
رشيد الدين بن أبي الفضل بن علي الصوري، نسبة إلى مدينة صور على الساحل اللبناني، طبيب وعالم نبات، ولد في صور سنة 573 هـ، ونشأ فيها، ثم إنتقل إلى بيت المقدس، وإتصل فيها بالملك العادل الأيوبي، الذي أدخله في خدمته، واتصل من بعده بابنه الملك المعظم، ثم بالملك الناصر الذي عينه رئيسًا للأطباء.
إنتقل ابن الصوري بعد ذلك إلى دمشق، وبها إشتهر وعاش بقية حياته، إلى أن توفي في دمشق سنة 639 هـ، ترجم له ابن أبي أصيبعة الدمشقي، وأشار إلى أنه كان مولعاً بالتنقيب عن الحشائش وأنواع النبات، مدققاً في وصفها، لا يكتفي بنعتها وتحديدها، وترك من المصنفات -الأدوية المفردة والتاج.
إشتمل علمه على جمل الصناعة الطبية، وإطلع على محاسنها الجلية والخفية، وكان متخصصاً في معرفة الأدوية المفردة وماهياتها، وإختلاف أسمائها وصفاتها، وتحقيق خواصها وتأثيراتها.
¤ مولده ونشأته:
ولد الصوري بمدينة صور ونشأ بها، سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، ثم إنتقل عنها، وإشتغل بصناعة الطب على الشيخ موفق الدين عبد العزيز، وقرأ أيضًا على الشيخ موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي، وتميز في صناعة الطب، وأقام بالقدس سنتين، وكان يطبب في البيمارستان الذي كان فيه، وصحب الشيخ أبا العباس الجياني، وكان شيخًا فاضلاً في الأدوية المفردة، متفننًا في علوم أخر، كثير الدين، محبًا للخير، فإنتفع بصحبته له، وتعلم منه أكثر ما يفهمه.
اطلع رشيد الدين بن الصوري أيضًا، على كثير من خواص الأدوية المفردة، حتى تميز على كثير من أربابها، وأربى على سائر من حاولها، واشتغل بها، هذا مع ما هو عليه من المروءة التي لا مزيد عليها، والعصبية التي لم يسبق إليها، والمعارف المذكورة، والشجاعة المشهورة.
وكان قد خدم بصناعة الطب الملك العادل أبا بكر بن أيوب، سنة اثنتي عشرة وستمائة، لما كان الملك العادل متوجهًا إلى الديار المصرية، وإستصحبه معه من القدس، وبقي في خدمته إلى أن توفي الملك العادل رحمه اللّه، ثم خدم بعده لولده الملك المعظم عيسى بن أبي بكر، وكان مكينًا عنده وجيهًا في أيامه، وشهد معه مصافات عدة مع الفرنج، لما نزلوا ثغر دمياط، ولم يزل في خدمته، إلى أن توفي المعظم رحمه اللّه، وملك بعده ولده الملك الناصر داود بن الملك المعظم، فأجراه على جامكيته -ديوان العطايا- ورأى له سابق خدمته، وفوض إليه رياسة الطب، وبقي معه في الخدمة، إلى أن توجه الملك الناصر إلى الكرك، فأقام هو بدمشق، وكان له مجلس للطب، والجماعة يترددون إليه، ويشتغلون بالصناعة الطبية، وحرر كثيراً في أيام الملك المعظم.
ترجم له ابن أبي أصيبعة، وأشار إلى أنه كان مولعاً بالتنقيب عن الحشائش وأنواع النبات، مدققاً في وصفها، لا يكتفي بنعتها وتحديدها، أيضاً ذكره ابن أبي أصيبعة، في -عيون الأنباء في طبقات الأطباء.
¤ مؤلفاتــــــه:
ولرشيد الدين الصوري من الكتب، كتاب الأدوية المفردة، وهذا الكتاب بدأ بعمله في أيام الملك المعظم، وجعله بإسمه وإستقصى فيه ذكر الأدوية المفردة، وذكر أيضاً أدوية اطلع على معرفتها ومنافعها، لم يذكرها المتقدمون.
¤ وفاتـــــه:
وتوفي رشيد الدين بن الصوري رحمه اللّه، يوم الأحد أول من شهر رجب سنة تسع وثلاثين وستمائة بدمشق، وكان مما كتبه في إحدى رسائله:
لعلم رشيد الدين في كل مشهد *** منار علا يأتمه كل مهتدي
حكيم لديه المكرمات بأسرها *** توارثها عن سيد بعد سيد
حوى الفضل عن آبائه وجدوده *** فذاك قديم فيه غير مجدد
تفرد في ذا العصر عن كل مشبه *** بخير صفات حصرها لم يجدد
أتتني وصاياه الحسان التي حوت *** بنثر كلام كل فصل منضد
وأهدى إلى قلبي السرور ولم يزل *** بإحسانه يسدي لمثلي من يد
وجدت بها ما أرتجيه وإنني *** بها أبداً فيما أحاول مقتدي
المصدر: شبكة رسالة الإسلام.